شهدت الموانئ البحرية المصرية طفرة غير مسبوقة في تاريخها الحديث،وذلك منذ عام 2014 وحتى 30 سبتمبر 2025 ضمن رؤية شاملة للدولة لتحويل مصر إلى مركز إقليمي للنقل واللوجستيات وتجارة الترانزيت، اعتمادًا على موقعها الجغرافي الفريد الذي يربط بين البحرين الأحمر والمتوسط وقناة السويس، أحد أهم الممرات الملاحية في العالم.
وزارة النقل ترجمت هذه الرؤية إلى واقع من خلال خطة استراتيجية متكاملة تستهدف خلق ممرات لوجستية تربط مناطق الإنتاج الصناعي والزراعي والتعديني بالموانئ البحرية عبر وسائل نقل حديثة وآمنة، مع تطوير الأرصفة والممرات الملاحية وإنشاء مناطق لوجستية عملاقة، وتم التخطيط لإضافة أكثر من 70 كيلومترًا من الأرصفة بأعماق تتراوح بين 18 و25 مترًا في عدد من الموانئ، ليصل إجمالي أطوال الأرصفة في الموانئ المصرية إلى 100 كيلومتر، قادرة على استيعاب 400 مليون طن من البضائع و40 مليون حاوية مكافئة سنويًا.
تتجسد امثلة لذلك في ميناء الإسكندرية الكبير، أُنشئت محطة “تحيا مصر” متعددة الأغراض بأطوال 2.5 كم وطاقة استيعابية تصل إلى 15 مليون طن، إلى جانب تطوير أرصفة تداول الغلال والأخشاب ومحاور الربط مع محور التعمير، وإنشاء محطات جديدة للصَب الجاف، وحواجز أمواج بطول 7 كيلومترات، ومنطقة لوجستية على مساحة 273 فدانًا.
أما ميناء دمياط، فشهد إنشاء محطة متعددة الأغراض ومحطة حاويات “تحيا مصر 1” التي تُعد من أحدث محطات الحاويات في الشرق الأوسط بطاقة 3.5 مليون حاوية مكافئة، بجانب تطوير الحواجز البحرية وتنفيذ محطة جديدة للحبوب والغلال. كما تم تدشين خط الرورو البحري (دمياط – تريستا) الذي فتح آفاقًا جديدة أمام الصادرات المصرية إلى السوق الأوروبية
أما موانئ البحر الأحمر، فقد شهدت طفرة نوعية تمثلت في تطوير ميناء نويبع، وإنشاء محطات وساحات جديدة في ميناء سفاجا، من بينها محطة “سفاجا 2” متعددة الأغراض على مساحة 810 آلاف متر مربع، وجارٍ إنشاء ميناء جديد للصيادين.
وفي ميناء السخنة، يجري تنفيذ واحد من أضخم مشاريع التطوير بإضافة 18 كيلومترًا من الأرصفة، ومناطق لوجستية وساحات تداول على مساحة تتجاوز 8 ملايين متر مربع، وشبكة سكك حديدية بطول 30 كيلومترًا، مع تسليم وتشغيل محطة هاتشيسون التي تضم أحدث الأوناش العملاقة في العالم
كما شهد ميناء العريش توسعًا في الأرصفة لتصل إلى 3.6 كم وإنشاء حواجز أمواج جديدة، فيما تم إطلاق مشروع ضخم لإنشاء ميناء جرجوب البحري على ساحل المتوسط بأرصفة تمتد 14 كم وساحات تداول 7 كم²، إلى جانب توقيع اتفاقيات استراتيجية لإنتاج الهيدروجين الأخضر. وفي ميناء برنيس، تم الانتهاء من إنشاء أرصفة متعددة الأغراض وأخرى للحاويات بعمق 18 مترًا، بينما يجري تطوير ميناء أبوقير ليصبح بعمق 22 مترًا، وهو من أكبر الأعماق البحرية في العالم
ولتعزيز القدرات الوطنية في النقل البحري، تعمل وزارة النقل على تطوير الأسطول البحري المصري ليصل إلى 38 سفينة مملوكة بالكامل للشركات التابعة لها بحلول عام 2030، قادرة على نقل 25 مليون طن بضائع سنويًا، ضمن خطة شاملة لدعم شركات الملاحة الوطنية والجسر العربي وناقلات البترول. كما تم عقد شراكات استراتيجية مع كبرى الشركات والخطوط الملاحية العالمية لتشغيل محطات الحاويات، مثل HPH وCMA وMSC وMAERSK وEURO GATE وCOSCO وموانئ دبي، بما يعزز حركة الترانزيت ويضاعف كفاءة الموانئ المصرية.